وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون

قضية الظلم تحتاج لوقت كبير للتفكير في ابعادها في مجتمعنا
هل نحن مظلومون ان خلقنا الله في دولة متخلفة اقتصاديا ومتدهورة سياسيا ومفككة اجتماعيا
وهل طفل وجد نفسه لأب وام رقيقي الحال مظلوم ؟
علي المستويين نحتاج لاعادة نظر
المستوي الفردي وايضا علي المستوي الجمعي
لكن الله تعالي يقول "وَمَا ظَلَمْنَاهُـــــمْ وَلَكِنْ كَانُــــوا أَنْفُسَهُـــــمْ يَــظْلِمُــــونَ "
الظلم يبدأ من الانسان نفسه لنفسه
بالفعل ظللت لفترات اقرأ وأفكر ثم امعن التفكير في هذه المسألة
ولم اخرج الا بتلك الاية وصدق الله العظيم
رددها الغرب بأفعالهم ورددها المفكرون والسياسيون وعلماء النفس والادارة واصبحت حقيقة دامغة
فأنت من تصنع مستقبلك
كم من افراد بدأوا حياتهم من الصفر ويسر الله لهم امورهم
وكم من امة نهضت من الصفر وارتقت اصعب المراقي لتسود الدنيا كلها
واول الظلم هو الاستسلام للواقع والتسليم له سواء برضا او بسخط
وقليل من يتحرك لينهض لكنهم قطعا يفوزوا بما طمحوا اليه

ولكل ميلاد مخاض
فمن اراد ان ينهض من اسفل الجبل ليصل لمنتصفه يحتاج مجهودا ومن يريد ان يصل لأعلي قمته يحتاج مجهودا مضاعفا
اما من يستكين لمكانه في اسفل الجبل فيجب ان يتحمل حجارة تتساقط من صعود المجتهدين وقد ترديه فطيسا تحت اقدام الصاعدين

بالفعل من يخطب الحسناء لم يغله مهر
ومن يطلب النهضة لم يثنه تضييق ولا يقعده المثبطين
معظم من حولنا اصابتهم لوثة الرضا بالواقع فهم مخذلين بحديثهم لنا ومخذلين بفعلهم امامنا ومخذلين بمجرد وجودهم حولنا
لكننا يجب ان نقاوم من اجلنا ومن اجلهم ايضا
وقطعا سنبذل كثير من التضحيات ولكن الله لا يضيع اجر من احسن عملا
وما نيل المطالب بالتمني وانما تؤخذ الدنيا غلابا

نماذج النهضات
هناك امة لم تكن شيئا في التاريخ الا بعض الجهلة
لا تؤمن الا بأرحام تدفع وارض تبلع
هذه هي الحياة عندهم
واذا بها تقود البشرية كلها للعلم والتقدم وترسي مبادئ وقيم
واذا بها فجأة تترك منهجها وتفقد بوصلتها وتذهب مع الريح لتستقر في قاع المحيط
تلك هي امتنا

امة اخري تاريخها بضعة مئات من السنين لا تكاد تكمل اصابع اليد الواحدة
كانت ولا زالت شتات من الاعراق والجنسيات
الا انها الان سادت الدنيا ببعض عوامل النجاح وان كانت لديهم بذور فشل اخلاقي وقيمي قطعا ستؤدي لزوال امبراطوريتهم في يوم ما
انها الولايات المتحدة الامريكية

أمة اخري لا تملك امكانيات
انها مجموعة متناثرة من الجزر الصغيرة لا تملك موارد وتم تدميرها بقنبلتين نوويتين
لكنها نهضت ولم تتكاسل بحجة انها فقيرة ليس لديها نفط ولا سياحة ولا جبال ذهب وليس لديها آلهة من بني جلدتها
لكنها الان ثاني اكبر اقتصاد في العالم
انها مملكة اليابان

أمة اخري لا تملك شيئا
شرذمة من البشر وشتات من شذاذ الآفاق إلا ان دعاءنا عليهم وقدحنا فيهم لا يؤثر في واقعهم
ليس لهم ماضي الا المظالم وحاضرهم صفحات من سفك الدماء
لكن ايضا كرهنا لهم لن يغير من واقعهم
انها اسرائيل
تمتلك اعلاما مؤثرا في العالم
وتمتلك مؤسسات تعليمية وبحثية متميزة ومرموقة بشهادة اكبر المؤسسات العالمية
فامتلكت اقتصادا قويا واصبحت قوة اقليمية يرهبها الكثيرون وتفرض واقعها علي كل الجيوش الشرق اوسطية
وتطرد وتهجر من تشاء وتضم مساجدنا لآثارهم وما اكثر مظالمهم
لكن ظلمهم ليس بينهم
فلا عصمة لوزير ولا رئيس فاسد عندهم
يتم التحقيق مع الرئيس وع رئيس الوزراء فضلا عن باقي افراد شعبهم


اعود لقضية الظلم ثانية
فالطالب الذي لا يجتهد في دراسته فهو ظالم لنفسه
والعامل الذي لا يحسن صناعته فهو ظالم
والموظف المرتشي ظالم
والمسؤل الذي يعطل الاخرين ظالم
والهارب من مكان عمله قبل موعده ظالم
والاب الذي لا يحسن تربية ابنائه ظالم
والاعلامي الذي يبيع قلمه ظالم
والباحث النائم ظالم
والمدرس الذي لا يربي ولا يعلم ظالم
والمهندس الذي يغش في صناعته ظالم
والطبيب المغالي في اجره ولا يتواجد في عمله ظالم
وكل من لا يتقن ولا يحسن ولا يجود مهنته ظالم
ويختلف الظلم في درجته بالطبع الا ان كل هذا ظلم
فأمة مليئة بالظلم والمظالم
أمة من الظالمين وأشباه الظالمين وقليل من العادلين كيف تنهض !!!

فلنوقف الظلم لأنفسنا اولا وبيننا وبين بعضنا ثانيا فتزهر الدنيا وتشرق شمس الحرية وتنهض امتنا من كبوتها

وَمَا ظَلَمْنَاهُـــــمْ وَلَكِنْ كَانُــــوا أَنْفُسَهُـــــمْ يَــظْلِمُــــونَ

معذرة ان كنت ظلمتكم بعرض الحقيقة المجردة الا انني لا احب ان اكتب لهذا السبب
واعتقد انني سأعود لوضع القصائد الشعرية مرة اخري بديلا عن تدويناتي